4 Views· 04/08/24· Islamic Teachings
رجل بألف لايك ! - كن عزيزاً بإسلامك [6]
الجاهلية المعاصرة تقوم ظاهرياً على مركزية الإنسان..وواقعاً على أهواء الإنسان وشهواته: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه).
وخذ بالك هذا التأليه للهوى تسرب لكثير من المسلمين بشكل كبير كما سنرى...فالموضوع يهمك ويهمني ويهمنا جميعا.
مركزية الإنسان تعني نزع القداسة عن الله وإعطاءها للإنسان. بحيث أن قيمة الأشياء تحدَّد بحسب موقعها من الإنسان. فإذا اخترعتَ ما يرفه الإنسان فأنت ذو قيمة...إذا اكتشفتَ علاجاً للإنسان فأنت ذو قيمة عظيمة...بغض النظر عن مكانتك عند الله، ولا ينزل من قيمتك أن تكفر بالله....ما يحقق رغبات الإنسان فهو صحيح ومن حقوقه والقانون يحميه ويشرعنه.
لما يكون الإنسان هو المركز يعني أن أي معتقد إنما يستمد قيمته من كونه فكرة يؤمن بها بعض الناس، وتزيد قيمتها بحسب عدد المؤمنين بها مهما كانت سخيفة في ذاتها، فإن لم يقتنع بها أحد فلا قيمة لها مهما كانت عظيمة في ذاتها. وبهذا المعيار يصبح الرسل عليهم الصلاة والسلام لا ميزة لهم في ظل مركزية الإنسان، ولو كانوا بيننا اليوم فإن مركزية الإنسان تعني أن ما معهم من وحي من خالق الإنسان لا يميزهم، بل أن الواحد منهم بما معه من وحي رباني فإنما يمثل رأيا من الآراء يستوي مع رأي أفجر الناس وأكفرهم !
بينما الإسلام يقوم على مركزية الخالق. يعني الفعل المعين أو المبدأ المعين حقٌّ إذا أحقه الله، وباطل إذا أبطله الله...والناس يكتسبون قيمتهم من العبودية لله ويفقدون قيمتهم بالكفر بالله.
يفقدون قيمتهم؟! هل يعني ذلك أنه لا تعود لهم أية حقوق ويستباحون؟ لا بل يعني أن الخالق الذي له المركزية هو الذي يحدد ما لهم وما عليهم.
في الإسلام إذا كنت أعمل لصالح الإنسان فإن ذلك يعلي قيمتي عند خالق الإنسان، بشرط أن أكون مؤمناً به محتسباً الأجر عنده.
لاحظ أنه في مركزية الإنسان: المقدس يفقد قيمته إذا كفر الإنسان به، بينما في الإسلام الإنسان يفقد قيمته إذا كفر بالمقدس.
وهذا الواضح جدا أنه يجب أن يكون...قال الله تعالى: (ألا له الخلق والأمر)..كما أنه هو تعالى الذي خلق، فله سبحانه أن يأمر وينهى ويحكم على الأشياء: حق وباطل، صواب وخطأ، ذات قيمة وعديمة القيمة.
وأنا لما أقول عن نفسي "مسلم" يعني أُسَلِّم وأقر وأعترف بأن المركزية للخالق...تلمَّس هذا المعنى في قوله تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين).
إيماني بالله يعني بشكل تلقائي أن المركزية له تعالى، وأن هذه المركزية هي في المحصلة لمصلحة الإنسان: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)، خالق الإنسان هو سبحانه أعلم بما هو خير للإنسان وما هو شر له...
(والله عليم حكيم)...(إن الله بالناس لرؤوف رحيم)... الآيات التي تبين أسماء الله وصفاته توضح حتمية أن تكون المركزية له سبحانه وأن هذا في صالح الإنسان.
-----------------------------------------------
موضوع المركزية هذا له علاقة بكل شيء في حياة المسلم. وعلاقته بهذا الموضوع أني أتبع أوامر ربي في النظرة إلى نفسي وإلى الناس من حولي والتعامل معهم. بينما إذا لم يكن هذا واضحاً عندك، وكنت متأثراً بمركزية الإنسان، فستكون معاييرك مضروبة، وبالتالي لما آتي لك بأحكام الله في النظرة للإيمان والكفر والمؤمن والكافر والعلاقة بينهما فقد تجد نفسك ترفض حكم الله، لأنك لا تستخدم أحكام الله كمسطرة هي حق مطلق تقيس به الأمور، بل تحاكمها إلى مسطرة عوجاء أصبحت مدمجة في نفسك (Built in) كما يقال... ألا وهي مسطرة مركزية الإنسان...لأنك تتعامل مع الدين كشيء ثانوي مثله مثل عِرقية الإنسان وشكله ولونه.
أصحاب مركزية الإنسان يتعاملون مع الله على أنه فكرة في عقل الإنسان، على هامش الإنسان حاشاه سبحانه..وبالتالي يرفضون أن يكون الله هو الذي يعطي القيمة للإنسان، ويرفضون أن يستمد الإنسان قيمته من العبودية لله ويُحط من قدره إن كفر بالله.
إذا تأثرت بهذه النظرة فإنك لن تجد لنفسك ميزة بإيمانك بالله. وبالتالي يفقد الإيمان قيمته في حسك..
ويصبح معيارك في التعامل بين الناس هو كيف يحقق المجتمع الإنساني رغباته الدنيوية، دون أي اعتبار لمهمة العبودية لله والتي لأجلها خلقوا، ودون أي اعتبار لمصيرهم في الآخرة... وكلما أردتُ أن أقنعك بحكم شرعي فعلي أن أغريك بالمنافع الدنيوية المباشرة له أو آتيك بـ"الحلول البديلة" ضمن مركزية الإنسان.
وحتى لو اعترفتَ بالقيم والأخلاق والشعائر التعبدية فإنما تعترف بما يحقق منها راحةَ المجتمع الإنساني على الأرض في نظرك...وليس على سبيل الخضوع للخالق وجعل المركزية له سبحانه. فحتى الدين والقيم والأخلاق تكتسب عندك قيمتها من مركزية الإنسان، مثل أن تؤمن بالحجاب كحق من حقوق الإنسانة التي تختاره، لكونه حرية شخصية وليس لأنه أمر رباني على المسلمين التسليم له....
وبالتالي تصبح هذه القيم والعبادات بهذا التعريف جزءاً من تأليه أهواء الإنسان...يعني يأخذ الإنسان من الأخلاق والعبادات ما يظن أنه يحقق سعادته واختيارته الشخصية، لا على سبيل الخضوع لله.
0 Comments